يتم التحميل...

الآباء والاُمّهات المتزمّتون

المشاكل الزوجية

إنّ هؤلاء الآباء والاُمهات إنّما يعرّضون مستقبل أولادهم إلى الخطر

عدد الزوار: 36

إنّ هؤلاء الآباء والاُمهات إنّما يعرّضون مستقبل أولادهم إلى الخطر
يعيش أغلب الآباء والاُمّهات حالة من التعسّف أو البرود تجاه اضطراب الغرائز الجنسية لأبناهم - بنين أم بنات - رغم تجربتهم وتقدّم السن بهم، وقد يصل هذا التعسّف أو البرود أحياناً إلى أن يرى أولئك الآباء والاُمّهات أنّ تأخير الزواج لسنة أو خمس سنوات قد يبدو في نظرهم أمراً في غاية السهولة «حسنا لم يقع الزواج هذه السنة، سيقع في السنة القادمة إن شاء الله، فليقع بعد بضع سنوات، فما زال أمامنا متسّع من الوقت». وهم يغفلون أو يتغافلون أن تأخير الزواج لشهر بل لبضعة أيام - في بعض الحالات - قد يغيّر مسار مستقبل الشباب ومصيرهم، ولا أدري كيف لا يتذكّر هؤلاء الآباء والاُمّهات ماضيهم؟ أما السؤال الذي ما زال يبحث عن جواب: لماذا تناسوا بهذه السرعة عنفوان شبابهم ومراهقتهم قبل الزواج؟ لم لا يضعون أنفسهم مكان أبنائهم؟! والحال أن تصوّرهم بأن الشباب ينظرون إلى هذه القضية ببرود على غِرار أنفسهم انما تشكّل مسألة بالغة الخطورة قد تؤدي إلى الجنون وإلى ما لا يحمد عقباه، لا شك إنّ أحد الأسباب المهمة التي تدعو الشباب إلى الهروب من البيئة العائلية والانتحار والإنحراف والأمراض الشاذّة إنما يعود إلى عدم الإهتمام بهذه الحقيقة، ولا سيما إذا كان موضوع البحث يتعلّق بالشاب الملتزم والمؤمن النزيه، وهم المعنيون أكثر من غيرهم بالكلام، فمن الظلم حقاً أن نرى الآباء والاُمهات يهملون مثل هؤلاء الأفراد، رغم أن مشاكل الزواج وما يترتب عليه من مسؤوليات قد تجعل الآباء والاُمهات يفقدون تلقائياً أو يتناسون طغيان الغريزة الجنسية لدى أبنائهم، فيحاولون اقناع أنفسهم بأنّ الوقت ما زال لصالحهم، فتراهم يحدّثون أنفسهم: ما الداعي لهذه السرعة والاستعجال؟!...
ما زالت رائحة اللبن تفوح من أفواههم فهم صغار!
ما زالوا أطفالا و...!
ما زالوا و ما زالوا ...

غير أنّ هذه الكمية من العراقيل (ما زالوا) ربما ستجر الويلات على الآباء والاُمهات; الأمر الذي يجعلهم يهبون لمواجهتها في خاتمة المطاف ولات حين مناص.

إنّ القيود والشروط غير الصحيحة التي يتمسّك بها الآباء والاُمّهات في انتخاب الزوجة لأبنائهم ناشئة غالباً عن عدم الإحساس بالمسؤولية والضرورة الملحّة، وهذا شيء طبيعي لأنّ الإنسان إذا أحس بضرورة شيء ما، فإنّه يتساهل في
شروطه ويخففها وربّما يغض النظر عنها ويتسامح فيها بل ربما يساعد على إنجاز ذلك الشيء وإتمامه، وبعكس ذلك فإنّ عدم الإحساس بالضرورة يصنع من الإنسان إنساناً شديداً غير مرن.

قرأت في مقالة إن بعض الأفراد المتزمتين والوسواسيين يشمّون السيارة عند شرائها! فكأنّهم يشترون لحماً، إنّ الذين يستمدون من حاسة شمهم قوّة تؤيد تفكيرهم عندما يريدون شراء سيارة فأعمالهم واضحة عندما يريدون أن ينتخبوا زوجاً لأبنهم أو ابنتهم.

والعجيب انّ مثل هؤلاء الآباء والاُمهات انما يشهدون في حياتهم مطبّات لم يكونوا يتوقعونها أبدا.

من الطبيعي أنّه عند انتخاب الزوجة يجب أن يسأل عنها بصورة كافية، لأن اختيار شريك العمر ليس بشراء قميص أو ثوب، ولكن الدقّة والفحص تختلف كثيراً عن التزمّت والوسواس والتشدد في الاُمور.

يجب التوكّل على الله والإقدام على الزواج بمجرد أن تبدي الاُمور الظاهرية بأن الطرف المعين لائق للزوجية، وتؤيد ذلك التحقيقات التي يدلي بها الأفراد المطّلعون، ومن المؤكّد سوف لا تكون النتيجة سيئة.

وطبقاً للتعليمات الإسلامية في موضوع تعجيل زواج الأبناء وطبقاً لما يقرره العقل في هذا الباب يجب التأكيد على الآباء والاُمهات في هذا الموضوع، وتحذيرهم من الإهمال في زواج أبنائهم أو التشدد فيه، وأن لا يتسامحوا في النتائج الناشئة عنهما، فيقضوا بذلك على مستقبل أبنائهم الأعزاء.

يجب أن لا ننسى بأن غريزة الشاب الجنسية قوّية جداً بحيث أنّ إهمالها يمكن أن تعقبه أنواع مختلفة من المخاطر.

إنّ التاريخ البشري خير دليل على ذلك حيث أنّه يظهر لنا بوضوح بأنّ المخاطر التي نشأت وتنشأ بسبب هذه الغريزة لا يمكن تفاديها بأي شكل من الاشكال.

2016-03-23